سورة الفرقان - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الفرقان)


        


{تبارك} ثبت ودام {الذي نزل الفرقان} القرآن الذي فرق بين الحقِّ والباطل {على عبده} محمَّد صلى الله عليه وسلم {ليكون للعالمين} الجنِّ والإِنس {نذيراً} مخوِّفاً من العذاب.
{وخلق كلَّ شيء} ممَّا يُطلق في صفة المخلوق {فقدَّره تقديراً} جعله على مقدارٍ. وقوله: {نشوراً} أَيْ: حياةً بعد الموت.
{وقال الذين كفروا إن هذا} ما هذا القرآن {إلاَّ إفك} كذبٌ {افتراه} اختلقه {وأعانه عليه قوم آخرون} يعنون: اليهود {فقد جاؤوا} بهذا القول {ظلماً وزوراً} كذباً.
{وقالوا أساطير الأولين} أَيْ: هو ما سطره الأوَّلون {اكتتبها} كتبها {فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً} يعنون أنَّه يختلف إلى مَنْ يعلَّمه بالغداة والعشيِّ.
{قل} يا محمد لهم: {أنزله} أنزل القرآن {الذي يعلم السر في السموات والأرض} يعلم بواطن الأمور، فقد أنزله على ما يقتضيه علمه.
{وقالوا ما لهذا الرسول} يعنون محمداً عليه السَّلام {يأكل الطعام} أنكروا أن يكون الرَّسول بصفة البشر {ويمشي في الأسواق} طلباً للمعاش، يعنون أنَّه ليس بمَلِكٍ ولا مَلَكٍ {لولا} هلاَّ {أنزل إليه ملك} يُصدِّقه {فيكون معه نذيراً} داعياً إلى الله يشاركه في النُّبوَّة.
{أو يلقى إليه كنز} يستغني به عن طلب المعاش {وقال الظالمون} المشركون: {إن تتبعون} ما تتبعون {إلاَّ رجلاً مسحوراً} مخدوعاً.
{انظر} يا محمَّد {كيف ضربوا لك الأمثال} إذ مثَّلوك بالمسحور والفقير الذي لا يصلح أن يكون رسولاً، والناقص عن القيام بالأمور إذ طلبوا أن يكون معك مَلَك {فضلوا} بهذا القول عن الدَّين والإِيمان {فلا يستطيعون سبيلاً} إلى الهدى ومخرجاً من ضلالتهم.
{تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك} الذي قالوه من إلقاء الكنز، وجعل الجنَّة، ثمَّ بيَّن ذلك فقال: {جنات تجري من تحتها الأنهار} يعني: في الدُّنيا؛ لأنَّه قد شاء أن يعطيه ذلك في الآخرة.


{سمعوا لها تغيظاً} أَيْ: صوتاً بغيظٍ، وهو التَّغضُّب {وزفيراً} صوتاً شديداً.
{وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً} وذلك أنَّهم يُدفعون في النَّار كما يُدفع الوتد في الحائط {مقرَّنين} مقرونين مع الشَّياطين {دعوا هنالك ثبوراً} ويلاً وهلاكاً، فيقال لهم: {لا تدعوا اليوم ثُبوراً واحداً وادعوا ثبوراً كثيراً}.
{قل أذلك} الذي ذكرتُ من موضع أهل النَّار ومصيرهم {خيرٌ أم جنة الخلد...} الآية. وقوله: {وعداً مسؤولاً} لأنَّ الملائكة سألت ذلك لهم في قوله تعالى: {ربَّنا وأَدْخِلْهم جنَّاتِ عدنٍ التي وَعَدْتَهُم ومَنْ صلَحَ من آبائِهم وأزوَاجِهم وذُرِّيَّاتهم} {ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله} الأصنام، والملائكة، والمسيح، وعزيراً {فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء} هذا توبيخ للكفَّار، كقوله لعيسى عليه السَّلام: {أَأنتَ قُلْتَ للنَّاس اتَّخذوني وأُمِّي إلهين من دُونِ الله} {قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتَّخذ من دونك أولياء} أن نوالي أعداءك، وفي هذا براءةُ معبوديهم منهم {ولكن متعتهم وآباءهم} في الدُّنيا بالصَّحة والنِّعمة {حتى نسوا الذكر} تركوا ما وُعظوا به {وكانوا قوماً بوراً} هلكى بكفرهم.
{فقد كذبوكم بما تقولون} بقولكم: إنَّهم كانوا آلهة {فما تستطيعون} يعني: الآلهة {صرفاً} للعذاب عنكم {ولا نصراً} لكم {ومن يظلم} أَيْ: يشرك {منكم نذقه عذاباً كبيراً}.
{وما أرسلنا قبلك...} الآية. هذا جوابٌ لقولهم: {ما لهذا الرسول...} الآية. أخبر الله سبحانه أنَّ كلَّ مَنْ خلا من الرُّسل كان بهذه الصِّفة {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة} الصَّحيح للمريض، والغنيّ للفقير فيقول الفقير: لو شاء الله لأغناني كما أغنى فلاناً، ويقول المريض: لو شاء الله لعافاني كما عافى فلاناً، وكذلك كلُّ النَّاس مبتلى بعضهم ببعض، فقال الله تعالى: {أتصبرون} على البلاء؟ فقد عرفتم ما وُعد الصَّابرون {وكان ربك بصيراً} بمَنْ يصبر، وبمَنْ يجزع.


{وقال الذين لا يرجون لقاءنا} لا يخافون البعث: {لولا} هلاَّ {أنزل علينا الملائكة} فتخبرنا أنَّ محمداً صادقٌ {أو نرى ربنا} فيخبرنا بذلك {لقد استكبروا في أنفسهم} حين طلبوا من الآيات ما لم يطلبه أُمَّة {وعتوا عتوّاً كبيراً} وغلوا في كفرهم أشدَّ الغلوِّ.
{يوم يرون الملائكة} يعني: إنَّ ذلك اليوم الذي يرون فيه الملائكة هو يوم القيامة، وإنَّ الله سبحانه حرمهم البشرى في ذلك اليوم، وتقول لهم الملائكة: {حجراً محجوراً} أَيْ: حراماً محرَّماً عليهم البشرى.
{وقدمنا} وقصدنا {إلى ما عملوا من عمل} ممَّا كانوا يقصدون به التقرُّب إلى الله سبحانه {فجعلناه هباءً منثوراً} باطلاً لا ثواب له؛ لأنَّهم عملوه للشَّيطان، والهباء: دقاق التُّراب، والمنثور: المتفرِّق.
{أصحاب الجنة يومئذ خيرٌ مستقراً} موضع قرار {وأحسن مقيلاً} موضع قيلولة.
{ويوم تشقق السماء بالغمام} عن الغمام، وهو السَّحاب الأبيض الرَّقيق {ونزل الملائكة تنزيلاً} لإكرام المؤمنين.
{الملك يومئذ الحق} أَيْ: الملك الذي هو الملك حقَّاً ملك الرَّحمن يومئذ.

1 | 2 | 3 | 4 | 5